سبق و أن تعرفنا في التدوينات السابقة على :
العوامل المؤثرة في التوزيع الجغرافي للسكان
وهي متعددة ومتنوعة فمنها الطبيعية والاقتصادية والسياسية
1- العوامـــــــل الطبيــعــية:
يتفاوت تأثير هذه العوامل من منطقة الى أخرى وهي تضم المناخ والتضاريس والتربة وهي المسؤولة عن أبعاد السكان وعن استيطان الجهات الغير المعمورة أو تركزها في أقاليم بعينها.
1-1 المنـــــــــاخ : للمناخ دور رئيسي في تباني توزيع السكان فوق سطح الأرض فقلة السكان في مناطق القطبية والصحراوية والمدارية يرجع بالدرجة الأولى الى عدم صلاحية هذه المناطق للاستيطان ولقيام الإنتاج الزراعي والتجاري .
1-2 الـــــبرودة: تعتبر البرودة اخطر العوامل تأثيرا على الإنسان فالشتاء في المناطق الباردة أو الجلدية وبالمناطق القطبية يكون صعب الاحتمال نتيجة لطول فترته الزمنية ودرجة الحرارة المنخفضة والظلام الذي يرافقه.إلا أن هناك جماعات بشرية صغيرة استقرت بهذه المناطق الطاردة للسكان وتمكنت من التأقلم مع هذه الظروف المناخية الصعبة . وقد يعود ذلك لأسباب مختلفة منها البحث عن موارد غذائية خاصة والمرتبطة بالصيد والقنص وفي بعض الأحيان يكون هذا الاستقرار قديما جدا اندثرت أسبابه في ذاكرة السكان الجماعية
والصعوبة الأساسية تكمن ليس فقط في عدم تحمل جسم الإنسان للبرودة بل في اختفاء الغطاء النباتي لمدة طويلة من السنة ومن تم عدم وجود إمكانيات الزراعة. وكيفما كان الحال فالواقع يدل على أن إقامة تجمعات بشرية في هذه المناطق الباردة لا يمكن إلا بفضل تزويدها بإمكانيات ضخمة من وسائل التكيف وبفضل التجربة الزراعية كزراعات التدفئة المحمية من البرودة بل وتزويدها بالمنتجات والمواد الغذائية القادمة من مناطق أخرى . غير أن ذلك يتطلب إمكانيات مادية هائلة . ولا تقوم الدول الغنية بمثل هذه التجارب المكلفة إلا إذا كانت لها مصالح اقتصادية وإستراتجية بهذه المناطق كما هو الحال في ألاسكا والمناطق القصوى ككندا والاتحاد السوفيتي وكخلاصة بالرغم من كل هذه المحاولات يظل دائما عدد سكان هذه المناطق ضئيلا.
1-3 الجفــــــاف : تمثل الصحاري الحارة بقاعا شبه فارغة من البشر في خرائط توزيع السكان بسبب افتقارها إلى الماء الذي أساس واعتماد حياة الإنسان والحيوان والنبات وتقع الصحاري الحارة في نطاق أوسع في نصف الكرة الشمالي في هذه المناطق توجد تجمعات سكانية مبعثرة حيثما وجد ماء أو معدن أمكن استغلاله . ويمثل الرعي المتنقل محاولة للتغلب على قلة الماء والغداء بالرغم من كل هذه الصعوبات استطاع الإنسان أن يستقر ومند القدم بصحاري العالم القديم أسيا وإفريقيا التي هي أكثر تعميرا نسبيا بالمقارنة مع صحاري أمريكا واستراليا الفارغة من السكان. وسائل وتقنيات حديثة لتلطيف الجو أدت إلى ظهور تجمعات بشرية حولها يتم تزويدها بالحاجيات من خارج المنطقة .وقد استطعت دول كالولايات المتحدة الأمريكية أو الاتحاد السوفيتي سابقا وباكستان أن تحول مساحات شاسعة من الصحاري إلى ارض غير أن ذلك لايغير من الصورة الديمغرافية العامة للصحاري كإقليم الندرة وفارغ فالكثافة العامة للصحراء الليبية لا تزيد عن شخص واحد لكل 10 كلم2
1-4 الحرارة المصحوبة بالرطوبة المرتفعة
على النقيض من ذلك لا يمثل فان الوسط المداري المطير يمثل قيودا صالحة أمام انتشار الإنسان كالتي تقيده في المناطق القطبية والصحراوية فهو ضئيل السكان بسبب الحرارة والرطوبة المرتفعتين وبسبب كثافة الضيا ت وفقر تربتها حيث أن المناخ الحار لا يحول دون النشاط الزراعي شريطة استخدام تقنيات تلائمه واختيار مجال يناسبه والدليل على دلك أن تمت غابات مدارية غير مسكونة وتم غابات مدارية شاهدت إحياءا زراعيا كاملا وتأوي بعض الأوساط المدارية الرطبة حشودا سكانية كثيفة جدا ولها إنتاج زراعي مرتفع كثيرا كما هو الحال في جنوب الهند وسيريلانك وجزيرة جوى وبالمقابل فان حوض الأمازون والكونغو يضمان نسبا ضعيفة من السكان ويعتبر التباين السكاني بين جاوى وبرنيو اللتان لهما المناخ نفسه نموذجا للتباينات السكانية بهذه المناطق فالأولى تعرف بقوة تعميرها أما الثانية فضعيفة التعمير. تضل الغابة الاستوائية قليلة الإعمار للغاية لأنها ناقلة للعديد من الأمراض لا سيما بواسطة البعوض . فالحرارة والرطوبة المرتفعتين والتساقطات الغزيرة والغطاء الكثيف تجعل من الغابة بيئة مثالية لشتى أنواع الطفيليات والفيروسات والبكتيريا وتفشي الأمراض (الملا ريا- الجذام- الحمى الصفراء) كما أن دبابة السيسيبي التي تعيش في الغابات المدارية والاستوائية والإفريقية الوسطى والشرقية تنقل داء النعاس
النعاس محدثة بدلك أضرارا فادحة مما يجعل لها اثر مباشر على الكثافة السكانية بهده المناطق . وإذا ما قرنت الحرارة الشديدة بالرطوبة الشديدة فان ذلك يضر بالحياة البشرية وعليه فان غالبية سكان العالم تسكن في تلك المناخات الجاذبة والتي ستسلم للتباين الشديد مثل المناخ المعتدل والدافئ . هذه المناخات ذات الأمطار الملائمة في أفضل الأقاليم الصالحة للزراعة ومن تمت أصبحت تمثل أقاليم جدب سكاني وكثافة بشرية مرتفعة
التضاريس :
من البدبهي أن تكون للتضاريس تأثير على توزيع السكان حسب المناطق إلا أنه ليس على نحو تأتير المناخ فعلى المستوى العالمي يبدو تعمير الأرض مرتبط بالمنخفضات و الأودية و السواحل إذ يستقر معظم السكان في السهول و الأحواضلسهولة زراعتها و لخصوبة تربتها و لسهولة التنقل فيها و بالمقابل يتناقص عدد السكان وتتقلص كثافتهم كلما زاد الإرتفاع فالجبال تعتبر طاردة للسكان إد كانت واعرة و فقيرة و خالية من الوديان و الأحواض و تقع أقاليو نادرة و تكون بيئة جدب للسكان إدا وقعت في بنيات حارة أو صحراوية و كانت تحوي بعض الوديان الخصبة وبعض الثروات النباتية فجور الجبال في توزيع السكان يتوقف على عدد من الشروط منها الإرتفاع من سطح البحر ،الموقع الفلكي ،الوعورة و الفقر ،. فتأثير الإرتفاع على سطح البحر ربما كان عائقا أقل صعوبة للإنسان من الوعورة و لكنه على أية حال يفرض حدودا لا يستطيع أن يتحداها كل من لم يتكيف على العيش في مستويات أعلى من 2000متر من سطح البحر (دوار الجبال) و ذلك بسبب إنخفاض الضغض الجوي و تخلخل الهوى .أما من تكيف على العيش في هده الظروف المناخية فقلة من الناس منهم سكان اليبت و أوديان من الهيملايا و سكان جبال الأنديز (البيرو) فهناك تعيش بعض المجموعات على مستويات تزيد عن 5000م من سطح البحر الحد الأعلى للاستقرار البشري بالمرتفعات لا يتطابق فقط مع حد تحمل جسم الانسان لاثار الارتفاع بل للحد الأعلى الذي تفرضه البرودة على النشاك الزراعي و يوجد أعلى تجمع سكاني في العالم على إرتفاع 5130م بقرية شكالتايا بجبال الأنديز المدارية و يتوقف هدا الإرتفاع مع حد إرتفاع زراعة الحبوب بهده القرية و في نفس السياق نسبة السكان الدين يعيشون على ارتفاع 1500م منعدمة في أستراليا ولا قيمة تذكر لها في أوربا و ضعيفة في أسيا و قوية نسبيا في افريقيا 9 في المئة و أمريكا الجنوبية 15في المئة ، ويفسر هدا التفاوت بالوسط الطبيعي ففي النطاق المداري و خلافا للمرتفعات بالنطاقات الأخرى تكون المرتفعات أكتر صيحة من السهول لانها في منتهى من الامراض المدارية مثل الحمة الصفراء التي يختفي وجودها في 1000م و الملاريا في 2000م و بالتلي تكون المرتفعات في العروض المرتفعة أكثر سكانا من السهول المجاورة . و يتجلى تعمير المرتفعات و تكتسي قيمة متميزة في أمريكا الجنوبية 85./. من سكان الإكوردغ و تصل الى 98./. في بوليفيا حيث أن 10/7 من سكانها يعيشون على إرتفاع يتجاوز 3000م و حيث أن عاصمتها لاباز تقع على إرتفاع 3600م, أما في العروض الوسطى و العليا الحد العلوي للسكان الدائم يقع في مستويات أقل بكثير فهو على ارتفاع 2400م بالاطلس الكبير 2000م بجبال الالب الجنوبية و 600م بجنوب النرويج و 3000م سكوتلاندا و 200م باسلاندا إنخفاض الحد الادنى للتعمير في سكوتلاندا يرجع إلى ...........الزراعة في هدا الارتفاع بحكم التساقطات الغزيرة و الرياح العاتية من هده المنطقة المحيطية .
المسطحات المئية :
تشغل المسطحات المئية أكثر من 70./. من مساحة سطح الأرض و تلعب دورا مهما في حيات الإنسان ونشاطه ..........ادت الى فصل القارات عن بعضها البعض و الى اختلاف الثقافات بين الشعوب في الماضي أصبحت اليوم عاملةربط ، فعبر المحيط الاطلسي انطلقت الحضارة الاوربية الى الامريكيتين و الانهار كانت ولا تزال عامل نقل للانسان الى جانب كونها مصدرا أساسيا لحياته و النباتات والحيوانات . و خصوبة التربة ووجود الموارد المائية و سهولة الإتصال بفضل الأنهار و غير دلك من المزايا تجعل هده الاخيرة جالبة للسكان كما هو الحال في الغانج و الميسيسبي و النيل و هوانغ هو و السيبيان لكن الأودية لا تستقطب السكان بنفس القدرة فلأمراض المرتبطة بالأوساط الرطبة أو صعوبة عبوها و فيضاناتها قد تحد من تعمير هده المناطق كما هو الحال على ضفاف الأمازون التي تكاد تنعدم من السكان هذا دون أن ننسى مدى غنى المسطحات المائية بالثروة السمكية و دورها المهم في توليد الطاقة و تحريك عجلة الصناعة . من هنا شكلت المياه مركز جدب للسكان في كثير من جهات العلم بل أن أغلب سكان العلم يعيشون على هوامش القارات القربية من البحار مع العلم أن وفرة المياه العدبة تجمع الناس وندرتها تطردهم .
التربة: يحدث تنوع التربة و جودتها إختلافات محلية في التركز السكاني فالتربة الخصبة إدا ما توفرت في مكان ملائم تدعو الى تركز السكان كما هو الحال في سهل الصين العتيق و في واد النيل و معظم دلتا الأنهار في جنوب شرق أسيا و على النقيض من ذلك فإن التربة الغير الخصبة ...............للسكان ، إلا أن دور التربة في تأثيرها على توزيع السكان و تركزهم يبقى أقل أتارا من باقي العناصر الطبيعية الاخرى لا سيما إذا توفرت مياه الري لان التكنولوجيا الزراعية الحديثة عدلت كثيرا من خصائص التربة سواء بإضافة مخصبات جديدة لها و بإستغلالها بزراعات اكثر تلائما مع خصوبتها .
العوامل الإقتصادية :
الزراعة : يختلف دور الزراعة في تكوين مجتمعات بشرية كبيرة أو صغيرة الحجم حسب درجة تقدمها و الإعتماد علبها كأساس لإقتصادها .
في المجتمعات البدائية المحضة لا يزال لإنسان يعيش على ما تجدبه الطبيعة من ملبس و مأكل و مسكن أما أعداد السكان بها فهي متفرقة و ضعيفة جدا كماهو الحال في الأقليم البارد من جماعات الإسكيمو في أقصى شمال القارة الأمريكية و اللاب اقصى روسيا (الرنة) حيوان .
أما في العروض المدارية فتعيش جماعات متنقلة تعتمد على القنص و من أمثلها جماعات الأستراليون الأصليون و البوشمن (صحراء كالاهاري ) جنوب افريقيا الاقاليم ......... و اقزام الكونكو و الهنود الحمر في غابات الامازون .
هده الجماعات البدائية تعيش ظروف بيئية صعبة و بالتالي تبقى الكثافة منخفضة لا تزيد عن شخص واحد في كلم مربع في معظم الاحيان كما ان نمط التوزيع يظل متغيرا نظرا لتنقلهم وراء الصيد و القنص ، على كل فاليمة الديمغرافية الغالبة لهده المجتمعات هي التوازن بين اعداد السكان و استهلاك الموارد المتاحة اذ تقوم الجماعات بدور الضبط الطبيعي للتزايد السكاني بها ,
أما في المجتمعات البدائية الزراعية فتعيش جماعات بشرية متنقلة وراء الارض الصالحة للزراعة خاصة بالغابات المدارية المطيرة ، و تكون العلاقات في هده المجتمعات مباشرة بين الإنسان و التربة ، إذ تتعرض هذه الاخيرة الاجهاد السريع نتيجة نقص المخصبات و بدائية الوسائل الزراعية و ضعف القوى العاملة ، مما يؤدي إلى غتباع دورات زراعية كل عدة سنوات ، ينتقل فيها الإنسان لاعطاء للارض فترة استراحة و لتجديد التربة مدى خصوبتها ، فمثلا تبلغ هذه الفترة في افريقيا المدارية 12 سنة بعد 3 سنوات من الزراعة و تطول في شمال شرق البرازيل لتصبح 20سنة بعد بضع سنوات من الزراعة ، وتتراوح الكثافة السكانية في افريقيا الاستوائية ما بين 5 و10 ن في كلم مربع .
بينما في المجتمعات الريفية النامية التي عرفت نوعا من التقدم الزراعي مع ادخال بعض ............. الاولية في استغلال التربة كالاسمدة العضوية فقد شاهدت ارتفاعا من الانتاج و استقرار الانسان و زيادة الكثافة السكانية فيها . ففي غرب افريقيا تتراوح الكثافة ما بين 100 و 200ن كلم مربع و تمارس هذه المجتمعات بالاضافة الى الزراعة حرفة الرعي و تربية الماشية . و ينتج عن تطور الزراعة البدائية (المعاشية ) ، ولعل أهم ممارستها زرع الأرز في شرق و جنوب شرق اسيا ، في هذه الاقاليم يتكدس السكان و تتراوح الكثافة ما بين 300 و 1000ن كلم مربع غير انه و بصفة عامة التقدم الضئيل في هذه المجتمعات النامية يؤدي الى هجرة كثير من السكان نحو المدن الكبرى .
أما في المجتمعات المتقدمة تقل العلاقة بدرجة كبيرة بين الكثافة السكانية و إنتاجية التربة و الجهد الزراعي و ذلك لأن الإنتاج الزراعي لا يمثل العمود الفقري لاقتصاد هطه المجتمعات . و هذه الأخيرة يبلغ فيها التقدم الألي مرحلة جد متطورة تختلف الكثافات الزراعية حسب درجة إستعمال الالة . و للمقارنة حينما تتبع الطرق التقليدية في زراعة القمح ليون
باسبانيا ترتفع الكثافة الى 75ن كلم مربع و تنخفض الى 10ن كلم مربع في مناطق القمح الشاسعة في شمال وسط و.م.أ حيث تستخدم المكننة .
وهكذا فإن العوامل الأساسية في تحديد الكثافات في الأقاليم الزراعية مرتبطة بنوع الزراعة و التقنيات المستعملة فكلما ازداد استخدام الالة في الميدان الزراعي ارتفع الانتاج و قلت البد العاملة الزراعية مما يدفع بها الى النزوح نحو مناطق جديدة.
الصناعة :
يبدو إنتشار الصناعة واضحا في خلق كثير من التجمعات السكانية الكبرى في العالم ، و المعروفة بالاقاليم الصناعية الرئيسية في كل من شمال غرب اوربا ووسط شرق امريكا الشمالية و شرق اسيا (اليابان) بالاضافة الى مناطق صغرى ، غير أن هذا التصنيع تم على حساب الريف الذي عرف نزيفا ديمغرافيا لصالح المدن و مراكز هذه الصناعات ، الا أن هذا التركيز السكاني بهذه الأقاليم الصناعية تختلف حسب نوع الصناعات و عدد اليد العاملة المشغلة بها (صناعة نسيجية ، استخراجية ،كيماوية ،تحويلية و إنشائية حفر ابار البترول ) .
فنمو الصناعات النسيجية في القرن 19 في أوربا و توسعها فيما بعد أدى إلى خلق مدن صناعية ضخمة على حساب الريف تمركزت في مقدمة جبال الأبنين وومن أمثلة المناطق المختصة في صناعة النسيج نذكر أيضا مدينة روبين الواقعة شمال فرنسا ،كذلك أسهم استخراج الفحم الحجري عند بداية الثورة الصناعية باعتباره أهم مورد للطاقة في خلق تجمعات سكانية كبرى أدت إلى ظهور مدن صناعية عملاقة شمال غرب ووسط أوربا (الرور)و يبلغ متوسط الكثافة هنا اكثر من 1000 شخص في كلم مربع .
وهكذا يتضح أن عدد السكان العاملين بالصناعة الخارجية و الإنشائية حفر أبار البترول وإقامة السدود يكثر أو يقل العدد حسب كمية المعدن في المنجم أو استمرار الأعمال الإنشائية حسب رواج هذا المعدن في السوق العالمية. وإلى جانب الفحم يقام الحديد اللذان جدب الكثير من الأيادي العاملة خلال ق19/20 الى مناطق استخراجهما.هناك معادن أخرى أثمن وأنذر مثل الذهب و الماس الذي أدى اكتشافهما الى تعمير مناطق شاسعة من طرف المهاجرين كانت في الغالب مناطق فقيرة وغير جاذبة فبعد العثور على الذهب في استراليا مثلا نزح إليها 554000 شخص في الفترة بين 1851و1860 علما أن عدد سكان القارة كلها لم يزيد على 406000 سنة 1850 وعلى عكس الصناعات الثقيلة كصناعة الصلب أو الصناعات الخفيفة التقليدية كالنسيج أو الصناعات الإستخراجية فالصناعة التكنولوجيا الحديثة لا تتطلب إلا أيدي عاملة قليلة ومتخصصة تؤدي الى خلق مراكز صناعية صغرى ودائمة.
النقل
لتطور المواصلات ووسائل النقل أثار بالغ في التوزيع الحالي للسكان على سطح الأرض بل وفي تغير خريطة العالم ففي كثير من الحالات نجد في وسائل النقل والمواصلات انعكسا لظروف البيئة الطبيعية حيث في الصحاري والمناطق الرملية كانت قوافل الإبل أهم وسيلة للنقل الى أن بدأ الإنسان يتغلب على الصحراء بمد الطرق البرية والحديدية إلا أن ذلك لم يمنع من تجنب أماكن الكثبان الرملية لانتقاء أخطرها.في المناطق الجبلية كانت الطرق البرية تتبع ممرات طبيعية الى أن استطاع الإنسان شق الأنفاق وبناء الجسور.وغالبا ما يؤدي اتساع رقعة الدولة الى الاعتماد على الطيران كوسيلة نقل رئيسية بين أقاليمها المتباعدة كما هو الحال في و- م- أ و الإتحاد السوفياتي سابقا كما يعزى اهتمام بريطانيا بالنقل البحري أيضا لطبيعتها الجوزرية كما اهتمت ببناء السفن لنقل حاجيتها من المواد الخام الضرورية وتصريف مصنوعاتها والتوجه نحو أعالي البحار لصيد الأسماك.إن للنقل ووسائله أثار مباشر على التجمعات البشرية في العالم ككل فالنقل البحري أتح فرصة اكتشاف أراضي جديدة وتأسيس ظروف تجارية ونمو الموانئ ،وعمات السكة الحديدية على خلق تجمعات بشرية عند محطاتها وعلى تزايد نمو المدن كما لعبت الطرق البرية دورا مهما في توزيع مراكز العمران سواء على امتداد خطوطها أو عند بدايتها ونهايتها وتقاطعها حتى في داخل الدولة الواحدة أو الإقليم الواحد قد يتدنى سكان مدينة قديمة لم يمر بها و قطار أو سيارة وتنمو وتكبر قرية متواضعة وقعت صدفة على الطريق الحديث بل عملت طرق النقل ووسائل المواصلات المختلفة اليوم على ربط أجزاء العالم بعضها ببعض فسهمت في نقل ثقافتها و حضارتها ومنتجاتها بسرعة فائقة وتكلفة أقل وهي التي كانت ولا تزال وراء الهاجرات العديدة بين الدول والقارات وداخل الدولة الواحدة وبين الريف والمدينة.
العوامل التاريخية والسياسية
من الواضح أن توزيع السكان لم يتأثر فقط بالعوامل الطبيعية و الاقتصادية فحسب بل للمؤتمرات التاريخية أثر مهم في حياة السكان في الماضي والحاضر والمستقبل.
قدم الاستيطان أو الإعمار : مبدئيا كلما كان استقرار الإنسان قليل بمنطقة ما كلما كان من المحتمل أن يكون حاليا مهما.فمعظم الدول التي تعرف اليوم ثقلا ديمغرافيا كبيرا وخاصة بواسطة القرى.في آسيا الجنوبية- الشرق الأوسط – إفريقيا الشمالية وبعض جهات إفريقيا الشرقية ومنطقة الأنديز الجنوبية قد استوطنت مند القدم إن تاريخ الاستيطان عامل مفيد في تفسير ارتفاع الكثافات أو انخفاضها في جهات العالم المختلفة ويتضح ذلك جاليا من مقارنة مساحة وعدد سكان قارة أوربا (العالم القديم) بمساحة وعدد سكان قارة أمريكا الشمالية (العالم الجديد) تبلغ مساحة القارة الأوربية نحو 6200000 كلم بدون روسيا وساكنتها 5851900000 نسمة /إحصائية 2005 في حين تبلغ مساحة القارة الأمريكية 19964000 كلم أما ساكنتها فتصل الى 330480000 نسمة لا يمكن تفسير هذا التباين الواضح في عدد السكان وبالتالي في الكثافة بين القارتين بفقر أمريكة الشمالية وغنى أوربا في المواد الاقتصادية فأمريكة قارة غنية وإنما يرجع ذلك الى قدم الاستيطان في أوربا وتطور حرف الناس فيها لإتصلها الوثيق بركب الحضارة في العالم القديم.
الهجرة: لها أثر على تشكيل الكثافات السكانية وقد يفوق من حيث الأهمية قدم التعمير ولقد أدخلت الهجرة في القرنين 19 بالخصوص تغيرات واضحة في توزيع السكان بالعالم وهو ما تؤكده حالة العالم الجديد على الأقل حيث ساهمت ب 4/3 في تكوين سكان القارة الأمريكية وخلفت الهجرة تركزات بأمريكا الشمالية و البرازيل و الأرجنتين والشيلي واستراليا والنيوزيلاندا وفي عديد من مناطق العالم الأخرى
العوامل السياسية: أما تأثيرها فيبدو واضحا في إطار تنظيم الهجرة الوافدة فبعد الحرب العالمية الأولى تم تطبيق نظام الحصص للحد من المهاجرين إليها وطبقت أستراليا سياسة عرفت بسياسة الأسترالية البيضاء والتي تقضي بمنع دخول العناصر الملونة إليها.
خاتمة :إن دراسة العوامل المؤثرةفي توزيع السكان ليست أمرا سهلا لارتباطها بالماضيالبعيد والقريب وربما أيضا بالتخطيط للمستقبل فظاهرة توزيع السكان مرتبطة بكل هذه العوامل مجتمعة وليس بواحد منها فقط كـــثـــافــــة الســـــكـــــان تختلف كثافة سكان العالم اليوم عن كثافة القرون الماضية والتي ستختلف حتما عن كثافة الأجيال القادمة ويرجع ذلك أساسا الى الزيادة العددية الضخمة للسكان والى التقدم التقني الذي أحرزاه الإنسان.فسمك الغطاء البشري يزداد يوما بعد يوم بعضه يتميز بكثافة مهمة والبعض الأخر يتميز بكثافة ضعيفة.
Post a Comment